الرئيسية / أخبار الكليّات / كليّة العلوم والزراعة / سرقة البحوث العلمية – بقلم الأستاذ الدكتور بشير جرار

سرقة البحوث العلمية – بقلم الأستاذ الدكتور بشير جرار

قامت مؤسسة (arXiv) الدولية ومقرها جامعة كورنيل الأمريكية (Cornell University) بأرشفة للبحوث العلمية المنشورة خلال عام 2017م التي نشرت في مجالات العلوم الأساسية شاملة الرياضيات والفيزياء والعلوم الحياتية والكيمياء والإحصاء والهندسة. وهدفت الدراسة إلى تقدير حجم الانتحال والسرقات العلمية (Scientific misconduct) في البحوث العلمية لدول نشرت مؤسساتها الأكاديمية والبحثية خلال عام 2017م على الأقل 100 ورقة علمية. شملت الدراسة فقط 56 دولة اكتملت بها شروط الدراسةوبمشاركة 106.262 باحث نشروا 301,759 بحثاُ خلال عام 2017م.
أظهرت نتائج الدراسة النتائج التالية:
* بلغت نسبة السرقات العلمية على مستوى العالم حوالي 6٪.
* كانت أعلى نسبة للسرقات العلمية بين دول أوروبا الشرقية حيث وصلت في بلغاريا حتى 20,5٪.
* كانت نسبة السرقات العلمية في المؤسسات الأكاديمية والبحثية في العالمين العربي والإسلامي على النحو التالي: مصر (19٪), الباكستان (17٪), ايران (16٪), السعودية (14٪) والجزائر (13٪). ولا يعني عدم إدراج بقية الدول العربية والإسلامية في هذه الدراسة خلوها من السرقات العلمية ويعود سبب اشتثنائها من الدراسة لعدم انتاجها 100 بحث علمي في المجالات العلمية المشار اليها خلال عام 2017م.
* كانت أقل نسبة للسرقات العلمية في نيوزلندا (2.5٪), ألمانيا (3٪), الولايات المتحدة الأمريكية (5٪), واليابان (6٪) واستراليا (6٪).
* بلغت نسبة السرقات العلمية لدول أخرى شملتها الدراسة كما يلي: البرازيل (8٪) و(11٪) لكل من الصين والهند وجنوب أفريقيا.
هنالك كثير من الشواهد على وجود مافيا للسرقات العلمية على مستوى العالمين العربي والإسلامي تسهل وتؤسس لهذه الجرائم العلمية وتقوم بالتزوير العلمي من خلال كتابة أطروحات طلبة الماجستير والدكتوراه مقابل أجر مادي. وللنهوض من الحالة المزرية للبحث العلمي بالعالم العربي لا بد من وضع التشريعات الرادعة والصارمة للتصدي للسرقات العلمية والحقوق الفكرية. ولنا بما قامت به بعض الدول مثل الصين وألمانيا وكوريا الجنوبية خارطة طريق للخروج من مأزقنا الحالي. فقد أمر الرئيس الصيني في نهاية ثمانينات القرن الماضي بإلغاء 350 ألف بحث علمي حامت حولها شبهات السرقة العلمية. وكما غرم العالم الأمريكي (Dong Pyon Han) من المعهد الوطني للصحة مبلغ 7 ملايين دينار وحبس لمدة خمسة سنوات بسسب تزويره لبحوث علمية قام بها خلال الفترة ما بين 2013م -2015م. وكما تم سحب شهادة الدكتوراه من عالم النفس الألماني (Die derik Stapel) من جامعة (Tilbury) الألمانية وغرم راتبه على مدار عام ونصف بعد أن ثبت تزويره للعديد من البحوث العلمية حيث وشى عليه طلبته بعد أن اكتشفوا غشه وفبركته لتحليل النتائج على مدار 30 عاماً.
وتعتبر السرقة العلمية جريمة أخلاقية وفكرية يتم بها السطو على مجهودات الآخرين من خلال النقل غير القانوني. ويؤشر انتشار السرقات العلمية في المجتمع الأكاديمي لأي دولة على انحدار القيم وضعف الرقابة الاجتماعية وهي من مظاهر تدهور التعليم العالي والبحث العلمي. ويلجأ بعض أساتذة الجامعات لجريمة السرقة العلمية في بحوثهم لغرض الترقية والحصول على المناصب الإدارية داخل المؤسسات الأكاديمية والبحثية بسسب ضعف المستوى العلمي وعدم توفر الإمكانيات اللازمة لانجاز البحوث. ومن الغريب أن تغض النظر بعض المؤسسات النظر عن هذه الجرائم لغرض توريث المناصب الأكاديمية وتتعامل معه كإجراء صوري هدفه الحصول على الشهادة أو الترقية لمرتبة أكاديمية أعلى بمعزل عن التحصيل العلمي.
تولي معظم دول العالم أهمية قصوى للبحث العلمي من أجل تطوير الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل لأبنائها والرقي بالمجالات الصحية والزراعية والدفاع والبيئة ومن خلال توفير أرضية للإبتكار والإبداع. وتنفق دول العالم ما معدله 1,8٪ من ناتجها الوطني على البحث العلمي حيث تتصدر الولايات المتحدة قائمة الدول الأكثر إنفاقاً على البحث العلمي بمبلغ 465 مليار سنوياً وبما يعادل 2,8٪ من ناتجها الوطني تليها الصين بمبلغ 284 مليار دولار واليابان 165 مليار دولار وألمانيا 92 مليار دولار. وتنفق الدول العربية مجتمعة 5,3 مليار على البحث العلمي نصيب المملكة العربية السعودية منها 1,8 مليار بما يجعلها تحتل المرتبة 37 في الإنفاق على البحث العلمي.
احتلت جامعاتنا ذيل قائمة أفضل الجامعات عالمياً لعام 2019م, وتصدرت قائمة المؤسسات الأكاديمية والبحثية بالسرقات العلمية كما يتضح من نتائج هذه الدراسة. وهذا دليل صارخ على تمكن العجز والذيلية وقلة الإنتاج العلمي وضعف المصداقية في الأوساط الأكاديمية والبحثية العربية والإسلامية.