الرئيسية / أخبار الكليّات / كليّة تكنولوجيا المعلومات / غابت شقائق النعمان عن ربيعنا إنه التغير المناخي

غابت شقائق النعمان عن ربيعنا إنه التغير المناخي

بقلم الأستاذ الدكتور بشير جرار

   لو كان للفصول سيداً لكان الربيع سيدها ولو كان للأزهار أميراً لكان الدحنون أميرها. للأسف، لم تتزين سهولنا وجبالنا وودياننا ببساطها الأحمر الساحر الفتان رمز الحب الذي تملأ أوراقه دفاتر العشاق. ويعتقد خبراء البيئة أن التغيرات المناخية وراء غياب الدحنون عن ربيعنا.

   زهرة شقائق النعمان (تعني قطع الدم) والمعروفة ب “الشقار الإكليلي” و”الدحنون” زهرة حماها النعمان  بن المنذر ملك الحيرة ووالد أمرؤ القيس ونبتت على قبره حزناً عليه وهي زهرة ربيعية جمالها ساحر فتان ذات ألوان زاهية منها الأحمر الداكن والأبيض والأصفر والأزرق والبنفسجي. سميت بشقائق النعمان بسبب أن النعمان بن المنذر ملك الحيرة  أحبها وحماها ورعاها وزرعها حول قصره. وروي أن هذه الزهور الجميلة  نبتت على قبر النعمان بعد أن قتله كسرى غدراً تحت أقدام الفيلة بسبب رفضه تزويجه ابنته وتسليمه نساء العرب. وقد أشعل هذا الحدث الحرب وتسببت بمعركة ذي قار بين الفرس والعرب وكان النصر حليف العرب بها.

   ينتشر الدحنون الزهرة البرية الشامية على طول ربوع بلاد الشام وشمال المملكة العربية السعودية وشمال افريقيا وبكثير من دول العالم. والمعروف منها ببلادنا الأحمر الملتاع. وتظهر زهرة الدحنون بشهر شباط ونيسان من كل عام. أسماها الإغريق ب “زهرة الريح” لأنها ترحل سريعاً. واعتاد العشاق وضع زهرة الدحنون بين أوراق دفاترهم كتعبير عن الحب. وينبت الدحنون بخجل في السهول والوديان وبين الأشجار على امتداد بلاد الشام وهي متعددة الألوان مغطاة بشعيرات شوكية تزهر لعدة أسابيع في نهاية الشتاء وبدية فصل الربيع.

وتقول الأسطورة الإغريقية أن فينوس (آلهة الحب والجمال) وقعت في غرام أدونيس هامت به مما تسبب بغيض زيوس (قائد حمايتها) فقرر أن ينتقم من معشوقها الشامي حيث تمثل له على هيئة خنزير بنابين فقتله واختلط دم أدونيس بالأرض ونبتت منه زهرة الدحنون بلون حمرة الدم. وقتل الحب بناب خنزير وأصبح الدحنون رمز لدم عاشق مسفوح. واعتادت صبايا الرومان قطف الحنون ورميه في النهر المخضب بالطين الأحمر. وأذكر عندما كنا صغاراً مراهقين، دأبت جداتنا على منعنا من العود الى المنازل بأزهار الدحنون خشية أن يهيم دجاج المنزل بجمال الدحنون وتتوقف عن البيض والخصوبة.

     وقد نالت أزهار شقائق النعمان مكانة خاصة في الشعر والأدب العالمي والأدب العربي والأساطير العالمية. وكانت أول قصيدة لشكسبير بعنوان “فينوس وأدونيس” وقد وصف بها قصة الحب الروماني الخالد بينما قال عرار شاعر الأردن بالدحنون:

خداك يا بنت من دحنون ديرتنا      روحي فداء الخديد الأحمر القاني

ونظم غريد الشرق بالدحنون :
                            أحبك يا زهرة الدحنون      لأنك تشمخين فوق التراب

أحبك يا زهرة الدحنون       أسطورة شيخ ما زال يحمل قنديل

عطر الله ربيعكم بجمال زهرة شقائق النعمان وامتلئت حياتكم بالحب