الرئيسية / أخبار الكليّات / كليّة العلوم والزراعة / تقرير المعهد العالمي للمعرفة العلمية (ISI) لعام 2018م حول البحث العلمي بشرق وجنوب آسيا بقلم الأستاذ الدكتور بشير جرار

تقرير المعهد العالمي للمعرفة العلمية (ISI) لعام 2018م حول البحث العلمي بشرق وجنوب آسيا بقلم الأستاذ الدكتور بشير جرار

    قدم مدير المعهد العالمي للمعرفة العلمية (Institute for Scientific Information) البروفسور جونثان آدمز تقريراً حول التقدم العلمي في دول شرق آسيا بما يخص نشرالبحوث العلمية خلال الفترة 2000م – 2018م. شمل التقرير تقييماً للبحث العلمي في 14 دولة نامية (Developing countries) من هذه المنطقة هي: الهند, سريلانكا, باكستان, بنغلادش, ميانمار, لاوس, فيتنام, تايلند, كمبوديا, ماليزيا, سنغافورة, اندونيسيا, بروناي دار السلام والفلبين. واستبعد التقرير كل من الصين واليابان وكوريا الشمالية حيث نوقش وضع هذه الدول مع حزمة الدول المتقدمة (Advanced =developed countries) في تقرير آخر.
اعتمد المعهد العالمي للمعرفة العلمية في تقييمه لهذه الدول على أساس عدد البحوث العلمية المنشورة وعدد الباحثين من هذه البلدان لكل مليون من ساكنيها خلال الفترة 2000-2018م. أظهر التقرير أن تقدماً كبيراً تحقق في كل من سنغافورة وفيتنام وماليزيا بشكل تصاعدي مستدام على مدار الفترة التي شملتها الدراسة. وأظهر التقرير عدد العلماء الباحثين لكل مليون من ساكني هذه الدول كانت الأرقام على النحو التالي: سنغافورة: 6730, ماليزيا: 2274, فيتنام: 672, الهند: 216 .
وقد لاحظ التقرير فيما يخص معدل عدد البحوث العلمية المنشورة سنوياً تضاعف عدد البحوث المنشورة في فيتنام خمسة مرات عام 2018م عنه عام 2000م, وكان المعدل السنوي لعدد البحوث الكلية المنشورة خلال الفترة 2014م – 2018م على أساس مجموع السكان لكل دولة على النحو التالي:
سنغافورة: 13916 بحثاً (عدد السكان حوالي 6 ملايين)
ماليزيا: 119124 بحثاً (عدد السكان حوالي 32 مليون)
فيتنام: 3766 بحثاً (عدد السكان حوالي 96 مليون)
ولم يغفل التقرير الإشارة إلى أن عدد البحوث الكلية المنشورة في كل من كمبوديا وميانمار ولاوس وبروني دار السلام لم يتجاوز 500 بحث في السنة. وكما أشار التقرير بأنه وعلى الرغم من التقدم الكبير في الإنتاج العلمي, لم تنجح بعض هذه الدول في ترجمة هذه البحوث بذات المقدار واستثمارها على الصعيد التطبيقي وزيادة الدخل الوطني.
وبمقابل ذلك في الوطن العربي, لا يزيد معدل النشر عند الباحثين العرب عن 0.3 بحث (ورقة علمية) لكل باحث سنوياً بينما النسبة العالمية هي 1,5 ورقة لكل باحث. وينفق العالم حوالي 2.1٪ من مجمل الدخل الوطني على مجالات البحث العلمي بينما لا يزيد انفاق الوطن العربي عن 0.9٪ من مجمل دخله القومي. وبذات السياق, ينفق الكيان الصهيوني (بعدد سكان 6 ملايين) ضعف ما تنفقه الدول العربية مجتمعة (بعدد سكان يزيد عن 400 مليون) في ذات المجال. وينفق على الباحث في الكيان الصهيوني 162 ألف دولار وهي أكثر من 11 ضعف مما ينفق على الباحث في الوطن العربي. وتبعاً لدليل النشر العلمي (Scientific Citation Index) فإن نصيب النشر في البلدان العربية بالنسبة لعدد السكان هي سدس المعدل العالمي في حين تصل مساهمة الكيان الصهيوني عشرة أضعاف المعدل العالمي. وبالحساب البسيط فإن مساهمة الكيان الصهيوني في النشر العلمي على أساس عدد السكان بالمقارنة مع العالم العربي هي ستون ضعفاً. وتقدم السعودية حالياً ربع البحوث العلمية بالوطن العربي وتنفق مع شقيقاتها من دول الخليج ما يقرب من النسب العالمية, بينما هنالك دولاً عربية تكاد لا تنفق أي شيء على البحث العلمي وتطوير التعليم. وكما لا تزيد مساهمة القطاع الخاص بالوطن العربي بالبحث والتطوير العلمي عن 10٪ بينما يقع 90٪ من الإنفاق على عاتق القطاع الحكومي المفلس أو مهدد بالإفلاس أصلاً وتذهب معظم ميزانيته كرواتب للعاملين بينما تصل مساهمة القطاع الخاص على سبيل المثال 70٪ في اليابان و60٪ في المكسيك. ولا بد من التذكير أن 35٪ من الكفاءات العلمية في الوطن العربي اضطرت للهروب إلى دول المهجر بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني والسياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي.
وكما أوضح التقرير, فقد وضعت دول شرق وجنوب آسيا استراتيجيات علمية وتكنولوجية محددة المعالم والأهداف وأنشأت المراكز البحثية المجهزة بالوسائل العلمية مع قاعدة بيانات للبحث العلمي لباحثيها. فقد أدركت هذه الدول في مجملها والتي أشار التقرير إلى تقدمها وهي في معظمها عانت من الفقر والغزو والحروب والاستبداد, بأن نموها مرهون بالبحث العلمي وتقدمه.
متى ندرك نحن في الوطن العربي سوء ما نحن فيه بما يخص البحث العلمي وتطوير التعليم قبل أن نصل إلى قول “عظم الله أجركم”, بينما قياداتنا ونخبنا ما زالت عاجزة عن وضع سياسيات تعليمية واضحة واخشى أنها غير قادرة حتى على تعريف البحث العلمي الصحيح لتقدمه للهيئات العلمية والتعليمية والبحثية في المدارس والجامعات ومراكز البحوث.