الرئيسية / صحافة / مقالات / ثلوج الصحاري العربية مذيلة بتوقيع التغير المناخي – بقلم أ. د. بشير جرار

ثلوج الصحاري العربية مذيلة بتوقيع التغير المناخي – بقلم أ. د. بشير جرار

ثلوج الصحاري العربية مذيلة بتوقيع التغير المناخي – بقلم أ. د. بشير جرار
تساقطت الثلوج في الصحراء الكبرى في الجزائر يوم الثامن من الشهر الحالي (كانون الثاني 2022م) مع انخفاض لدرجات الحرارة إلى ما دون الصفر بثلاث درجات مئوية لثلاث ليال متتالية. والصحراء الكبرى الإفريقية أكثر صحراء حارة في العالم وأكبرها مساحة حيث تصل مساحتها حتى 8.6 كيلومتر مربع. وقد شكلت بلورات الجليد أنماطاً مذهلة ظهرت على شكل غبار أبيض خفيف في رمال الصحراء وكان ذلك مفاجأة سارة للأطفال من المدن المجاورة للصحراء الكبرى مثل ميكاليس وعين الصفرة شمال غرب الجزائر لنسيان الحرارة الحارقة التي تسجل اعلى مستوياتها في هذه الصحراء الحارقة صيفاً. ولم تكن موجة الثلوج الحالية بمثابة مفاجئة غير متوقعة، فقد شهدتها الصحراء الصحراء الجزائرية في عام 2016م للمرة الآولى وكانت بمثابة صدمة لسكان مدن هذه الصحراء ومن ثم توالى تساقط الثلوج في  الأعوام 2017، 2018، 2021م لكنها الأعنف بينهما كدلالة على تغير مناخي يطال الصحراء الكبرى الجزائرية وعلى شيوع هذه الظاهرة.

وكما شهد الجانب المغربي لذات الفترة في المنطقة الصحراوية في الجنوب الشرقي من البلاد تساقط غير معهود، فقد استفاق سكان العدديد من المدن الواقعة بين الصحراء الكبرى وجبال أطلس على تساقط غير متوقع للثلوج.

وكان تساقط الثلوج أكثر حضوراً في الصحاري السعودية الثلاث: الربع الخالي والنفوذ والدهناء حيث أضحى أمراً مألوفاً بعد أن كان نادر الحدوث. فقد شهدت الصحاري السعودية تساقط الثلوج لا سيما عند أطرافها على مدار تسع سنوات متتالية كان أبرزها تساقط الثلوج عامي 2016م و 2018م حيث وصلت درجة الحرارة حتى 4 درجات مئوية تحت الصفر. وكما سقطت الثلوج عام 2013م لأول مرة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة  وكست الثلوج صحراء النفوذ بالكامل وامتدت حتى غطت الشوارع وأسطح المنازل في مدينة تبوك في شتاء 2021م.

ولم يكن ثالوث البادية العراقية السورية الأردنية استثاءً، فقد باتت هذه الصحراء على موعد مع تساقط الثلوج خلال السنوات الماضية كان أبرزها على منطقة السخنة في البادية السورية عام 2017م وكذلك البادية الأردنية لا سيما الشرقية منها كان آخرها قبل أسبوع (كانون الثاني 2022م) حيث طالت هذه الثلوج حتى منطقة الرويشد وكذلك رأس النقب. وكما تشهد البادية الشمالية تساقط الثلوج كل عام على مدار ثمان سنوات كان أشهدها في أم القطين عام 2021م. وبذات الفترة تزامن سقوط الثلوج على منطقة الأنبار على أطراف البادية العراقية. وكما أصبحت صحراء النقب الفلسطينية المحتلة سنويا على موعد مع تساقط الثلوج منذ 2015م كان أبرزها ما شهده جبل رامون عام 2018م.

وبالطرف الآخر من الوطن العربي، باتت الصحاري المصرية لا سيما صحراء سيناء والصحراء الشرقية والصحراء الغربية حتى الحدود الليبية والسودانية تشهد تساقط للثلوج كان أبرزها ما شهدته محافظة مرسى مطروح في أقصى شمال مصر وكذلك جبال صحراء سناء عام 2021م. وليس بعيداً عن ذات المكان حيث ومنذ عدة سنوات تتساقط الثلوج على بعض المدن الصحراوية الليبية لا سيما مدن البيضاء وسوكنة وغدامس.

وحتى السودان الشقيق لم تعتقه ثلوج التغير المناخي، فقد أرعب تساقط الثلوج سكان منطقة الشنكيبية بولاية الجزيرة وسط السودان خلال أغسطس الفائت من عام 2021م وكان ذلك ضرب من الخيال لسكان هذه المنطقة.

وكما يلاحظ، بتنا نشهد صقيع في الصحراء الكبرى الإفريقية وشتاء دافيء في روسيا وفياضانات في أروبا وأعاصير وتسونامي وحرائق غابات وكلها تحمل توقيع التغير المناخي بسبب الإحتباس الحراري.